
السلطان سليم الأول في مواجهة قانصوه الغوري
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين وناصر عباد المؤمنين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بذل حياته جهادا ونصرة حتى أتاه النصر المبين صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه التابعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن دولة المماليك في مصر، وذكرت المصادر الكثير عن السلطان سليم الأول وأنه إستغل تطلع شعوب المشرق العربي إلى العثمانيين كمنقذين من الحكم المملوكي الذي أصبح متعسفا، ليتقرب من عامة الناس، بالمقابل، فقد أزعج ضم سليم الأول إمارة ذي القدر، قانصوه الغوري، فاعتبر تصرفه هذا بمثابة إعلان للحرب، وقرر أن يستعيد هيبته في المنطقة، فنادى بالتعبئة العامة، لكنه قوبل بعرقلة الناس في مصر لتدابير التعبئة هذه، وبميل الناس إلى العثمانيين.
حتى أن صناع الأسلحة أقفلوا دور صناعتهم، وتعالت في الشوارع التهديدات والشتائم الموجهة ضد السلطان، وإنخفضت درجة الإنضباط في الجيش بشكل كبير، ورفض الجنود المسير لقتال العثمانيين قبل حصولهم على المال والمكافآت واللحوم، وأخذوا في التمرد وعاثوا فسادا في الشوارع، أما في الشام فقد أخذت المناطق الشمالية تخرج عن طاعة المماليك وتنضم طوعا إلى العُثمانيين، وبدأ كثير من الأمراء يتعاطفون مع العثمانيين ويقيمون العلاقات السرية معهم، ونتيجة لهذه العوامل أيقن السلطان الغوري أنه غير مستعد لخوض غمار حرب كبيرة ضد العثمانيين الأقوياء، لكن إصرار السلطان سليم على الحرب جعل الغوري يحاول التحالف مع الصفويين ضد العدو المشترك، وما أن بلغت أخبار هذه المحاولة مسامع السلطان سليم حتى إعتبر أن الغوري.
طعن الدولة العثمانية وأهل السنة والجماعة من الخلف، فأعلنه بالحرب متهما إياه بخيانة العالم الإسلامي، وقد خرج السلطان قانصوه الغوري من مصر إلى الشام للقاء العثمانيين والحيلولة دون سيطرتهم على البلاد، فالتقى الجمعان عند مرج دابق شمالي حلب، حيث دارت بينهما معركة هائلة في الخامس والعشرين من شهر رجب سنة تسعمائة واثنين وعشرون من الهجرة، وقد أفضت إلى هزيمة المماليك، وإنتصار العثمانيين، ومقتل السلطان الغوري نفسه، وعمت الفوضى في صفوف الجيش المملوكي، فإلتحق قسم من المماليك بالعثمانيين في حين لاذ الباقون بالفرار إلى مصر، وإستثمر السلطان سليم إنتصاره هذا وضم عينتاب وحلب وحماة وحمص ودمشق وبيت المقدس وغيرها، وكان السكان يحتفلون بمقدمه بصورة لم يألفها أي سلطان عثماني من قبل،
وإنتخب المماليك بعد مقتل السلطان قانصوه الغوري، السلطان طومان باي خلفا له، فعرض عليه السلطان سليم مجددا أن يعترف المماليك بسيادة العثمانيين، ودفع خراج سنوي لهم، فأبى طومان باي، فبرز إليه سليم، فانهزم طومان باي على حدود الشام الجنوبية وإنسحب بسرعة إلى مصر، فتتبعه السلطان سليم حتى مدينة القاهرة، وإتخذ المماليك رباطهم الأخير في قرية الريدانية، وهي قرية صغيرة تقع على الطريق المؤدية إلى القاهرة، وفي التاسع والعشرين من شهر ذي الحجة سنة تسعمائة واثنين وعشرون من الهجرة، دارت بين الجيشان معركة هائلة إنتصر فيها العثمانيون برغم الدفاع المستميت للمماليك، ووقع طومان باي أسيرا في يد العثمانيين بسبب خيانة أحد أتباعه له، فعامله السلطان سليم بداية معاملة كريمة، لكنه أذعن في النهاية لإلحاح بعض القادة والأمراء، فأمر بإعدامه، فتم شنقه على باب زويلة وبمقتل طومان باي سقطت الدولة المملوكية، وأصبحت الديار المصرية والشامية جزءا من الدولة العثمانية.
السلطان سليم الأول في مواجهة قانصوه الغوري